استطاع علماء الكيمياء الحيوية إنتاج "طين حيوي" خلال 20 ساعة فقط، وافترضوا أن الحياة على الأرض نشأت في مناطق نشاط المنابع الحارة لا في البحر. وبحسب الكتب المقدسة فإن الله خلق الإنسان الأول من الطين ونفخ فيه الحياة. أما العلم فطرح بدوره فرضية نشوء الحياة نتيجة تفاعلات كيميائية جارية في "سائل بدائي". وكان من المعتقد سابقا أن هذا السائل هو البحر. لكن الباحثين توصلوا حديثا إلى استنتاج ينافي ذلك، وكان الطين مادة بدائية ولدت فيها الحياة. وقام فريق من العلماء الخريجين من جامعة موسكو الحكومية، بمحاكاة ظروف جيولوجية نشأت فيها الحياة، انطلاقا من مبدأ أن لكل الكائنات الحية سلف واحد. وبعد دراسة المواد الوراثية لدى مختلف الكائنات الحية، قام الخبير في الجينات الحيوية، يفغيني كونين، بفرز 60 جينا تمتلكها كل الكائنات الحية تقريبا. واتضح فيما بعد أن البروتينات التي تسيطر على تلك الجينات القديمة ليست بحاجة إلى الصوديوم، ويعني ذلك أن الحياة لم تنشأ في البحر، الذي يشكل بيئة من الصوديوم، علما أن الكيمياء الأحيائية للكائنات البدائية لا يجب أن تختلف كثيرا عن بيئتها. إلا أن تلك البروتينات كانت بحاجة كبيرة إلى البوتاسيوم والفوسفور والزنك وأيونات المغنيسيوم. وافترض العلماء أن من الأرجح نشوء الحياة في مناطق المنابع البخارية الحرارية. وقد دل التحليل الكيميائي لتلك المنابع في شبه جزيرة كامتشاتكا على وجود كل العناصر الكيميائية اللازمة للخلايا الحية البدائية. وكان البخار الناتج عنها يشكل بحيرات صغيرة مليئة بمعادن نشيطة، وربما كان الطين الذي شكل شواطئ تلك البحيرات حاضنة ولدت فيها الحياة. وكان الباحث الاسكتلندي، ألكسندر كيرنز، قد طرح هذه الفرضية منذ بضعة أعوام، مشيرا إلى أن لبنات الحياة الأساسية ظهرت في فتحات بالغة الصغر للصخور الطينية. وصدرت مؤخرا دراسة مشتركة أجراها الباحثون في جامعة "كنتاكي" ومعهد ماساتشوستس التكنولوجي، حيث تمكنوا من تخليق هذا الطين الحيوي خلال 20 ساعة فقط، تحت درجة حرارة 90 مئوية فوق الصفر، وضغط جو عادي. وبقي لهم أن يحصلوا على كائنات حية من هذا الطين. وبذلك يمكن الاعتبار أن فرضية خلق الإنسان من الطين ستكون قد أثبتت.