ممنوع دخول السوريين
الموضوع: أخترنا لكم
ماذا ترفض الدول العربية الغنية استقبال اللاجئين السوريين رغم أنها تستضيف ملايين الأجانب على أراضيها، ولماذا تغلق الأبواب أمام من يحتاج إلى ملاذ آمن وغذاء ودواء ومأوى؟ ولماذا يرفض أغنياء العرب استقبال الفقراء الهاربين من الموت والمجازر والإبادة الجماعية؟ ويكتبون على معابرهم "ممنوع دخول السوريين".
على حكومات هذه الدول أن تجيب عن هذه الأسئلة، وعلى المسؤولين أن لا يدفنوا رؤوسهم في الرمال، ، فقد دقت ساعة الحقيقة، ولا مهرب من مواجهة الواقع المر، وإذا ما اعتبرت هذه الحكومات أن اللاجئين السوريين "مصيبة"، فإنه من المستحيل تجنبها، وأن سياسة "صفر مصائب"، غير ممكنة، فهم في مواجهة قضية أخلاقية إنسانية بالدرجة الأولى، حتى إذا رفضت اعتبارها قضية دينية إسلامية وعربية.
إذا نظرنا إلى خارطة اللجوء السوري، ومن مساخر الزمن أنهم صاروا لاجئين مثل الشعب الفلسطيني، نجد أن دولتين عربيتين فقط تتحملان العبء، بشكل شبه كامل تقريبا، وهما الأردن ولبنان، التي تستضيف كل واحد منهما 1.5 مليون سوري تقريبا، إضافة إلى تركيا التي تستضيف وحدها مليوني لاجئ سوري، صرفت عليهم حتى الآن أكثر من 5 مليارات دولار، دون أن تطلب معونة من أحد.
الأردن ولبنان في وضع صعب جدا، فهما يعانيان من الفقر والبطالة، والمديونية العالية، ومع ذلك يستضيفان 3 ملايين سوري، في حين تنأى الدول الأخرى عن استضافة لاجئين سوريين وتغلق دونهم الأبواب، فمصر والعراق والمغرب لا تستضيف إلا عددا قليلا من اللاجئين السوريين، أما اليمن وليبيا والصومال وجزر القمر وتونس وموريتانيا فهي تحتاج لمن يعينها، ولذلك لا يبقى على امتداد الوطن العربي إلا الدول النفطية، وهي الجزائر ودول الخليج العربية، إلا أن هذه الدول تتعامل مع السوريين الهاربين من جحيم الإرهاب الأسدي من خلال الجمعيات الخيرية، ورغم الدور الجيد الذي تقوم به، إلا أن جهودها لا تكفي، فنحن أمام 5 ملايين لاجئ سوري خارج سوريا و7 ملايين نازح داخل سوريا، وهذا يعني أن نصف الشعب السوري نازح خارج دياره، في أكبر عملية نزوح منذ الحرب العالمية الثانية.
ما يجري بحق الشعب السوري جريمة أخلاقية ودينية وإنسانية، تكسر الضمير العربي وتعريه، وتضعه في مأزق وجودي إذا كنا نتحدث عن "أمة عربية واحدة"، فترك السوريين يهيمون على وجوههم في بلاد الدنيا يقود إلى أن "الأمة العربية" مجرد وهم، وأن العرب أمة متخيلة غير حقيقية، وأن كل التاريخ "المجيد" الذي نقرأه ليس أكثر من كذبة، لا أساس.
معاناة الشعب السوري أكثر من قدرة النفس على التحمل، فهذا الشعب يتعرض لإبادة جماعية، وعملية تطهير عرقي وإثني، وتهجير قسري، فنظام الأسد ومعه إيران وحزب الله وحلفاؤهم العراقيون والافغان، يقتلعون الشعب السوري من أرضه، ويلقونه خارج سوريا، تطبيقا لما قاله الإرهابي بشار الأسد "إن سوريا ليست لمن يسكن فيها بل لمن يدافع عنها"، أي من يدافع عن نظام الأقلية التي تتحكم بسوريا منذ نصف قرن تقريبا.
هذه المعاناة تتضاعف عندما يقف "الأخوة" العرب الأغنياء موقف المتفرج من المجزرة والاقتلاع والنفي الديمغرافي، ويحفرون الخنادق المادية والمعنوية لمنع السوريين من الاقتراب من "فردوسهم" الموعود.
لم يمت الطفل إيلان الكردي وأخوه غالب وأمه ريحانة في البحر، ومئات غيرهم، إلا لأنهم لم يجدوا دولة عربية ترحب بهم، ولو أنهم وجدوا ملاذا في أي دولة عربية لما ركبوا أمواج البحر التي ابتلعتهم.
موقف الدول العربية مما يجري في سوريا "مخز"، وطريقة تعامل الحكومات العربية مع اللاجئين السوريين "عار"، وعلى مسؤولي هذه الحكومات أن يستحوا من أنفسهم، وأن يعلموا أنهم ليسوا في مأمن من موجات الهجرة الجماعية حتى لو استأجروا كل مرتزقة "بلاك ووتر".
سمير الحجاوي
الأحد 06 سبتمبر-أيلول 2015
أتى هذا الخبر من المركز اليمني للإعلام:
http://www.yemen-media.info
عنوان الرابط لهذا الخبر هو:
http://www.yemen-media.info/news_details.php?sid=9202